ینبغی أن لا یُغفل على الإطلاق عن قضیة فلسطین حتى للحظة واحدة، فهی قضیة على جانب کبیر جداً من الأهمیة. اعتقادی هو أنّ ما شهدته فلسطین طوال هذه الأعوام السبعین أو الثمانین الأخیرة غیر مسبوق على مدى التاریخ. ضمن حدود علمنا لا یوجد نظیر له فی أی مکان، لا فی زماننا ولا فی الأزمنة القریبة منا، ولا فی أیة حقبة من حقب التاریخ، لا أعرف أنَّ ما یشبه هذا الحدث قد وقع. فما هی هذه القضیة؟ القضیة هی أنهم صنعوا ثلاث أحداث (مصائب) لشعب ما (الشعب الفلسطینی). بدایة اغتصبوا أرضه وبلاده، واحتلوها. فی أماکن أخرى من العالم تم احتلال أراضی وبلدان من قبل الأجانب، ولیس هذا أمراً غیر مسبوق، ولکن إلى جانب هذا الاحتلال قاموا بتهجیرٍ جماعی؛ أی أن الملایین من (أبناء) الشعب الفلسطینی مُبعدون ومنفیون الیوم عن دیارهم وعن بیوتهم ومدنهم ومشردون وبعیدون ولا یُسمح لهم بالذهاب إلیها. هذه هی (الحادثة) الثانیة أی التهجیر والتشرید الملیونی الجماعی.
و(الحادثة) الثالثة هی أن کلا هاتین الحادثتین ترافقتا مع قتل ومذابح جماعیة، فقد قتلوا عدداً کبیراً من النساء والرجال والأطفال فی المدن والقرى فی بدایة الأمر، قتلوهم بشکل جماعی وارتکبت فی حقهم جریمة إنسانیة عظمى. هذه هی القضیة الفلسطینیة. إنها حادثة احتلالٍ ونفیٍ وقتلٍ لشعب، ولا تستهدف إنساناً واحداً أو جماعة محدودة من الناس، بل تستهدف شعباً بأکمله. إنها قضیةٌ لا سابقة لها فی التاریخ. نعم، حصلت حالات تهجیر، وفی بعض الأحیان نقلوا جماعة من الناس من منطقة إلى منطقة أخرى فی بعض البلدان، ولکن فی دیارهم وفی بلادهم. أمَّا أن یقوموا بإخراج شعبٍ من بلده -منذ عشرات السنین والمجامیع الفلسطینیة إمَّا هم أو آباؤهم طردوا من فلسطین ویعیشون فی مخیمات- فما معنى هذا؟ مثل هذا الشیء لم یحصل فی أی مکان من العالم. هذه القضیة قضیة استثنائیة وظلم تاریخی لا نظیر له. إنه بلا شک جور تاریخی لا نظیر له، ومن واجبنا، أی إنه فی الإسلام باجماع کل المذاهب الإسلامیة، یجب فی مثل هذه الحالات النزول إلى الساحة والدفاع، یجب أن یدافعوا بأی شکل متاح لهم. یجب بالتالی أن یتم هذا الشیء. وأعتقد أن هذه المجاهدة ضد الکیان الصهیونی سوف تؤتی نتیجتها، هذا ما نعتقده. أن نتصور أنه لم تعد هناک فائدة وأن الأمر قد فات فلا، لیس الأمر کذلک، حتى لو انقضت عشرات السنین، فسوف تتحقق النتیجة حتماً إن شاء الله وبإذن الله، کما أنَّ المقاومة تطورت لحد الیوم، المقاومة تطورت وتقدمت.
لاحظوا أنَّ الصهاینة رفعوا ذات یوم شعار من النیل إلى الفرات، والیوم یبنون حول أنفسهم سوراً لیستطیعوا حمایة أنفسهم هناک فی أرض مغصوبة. إذن لقد تقدمت هذه المقاومة إلى الأمام، وسوف تتقدم بعد الآن أیضاً، وفلسطین مجموعةٌ واحدةٌ وبلدٌ واحدٌ وتاریخٌ واحدٌ، وفلسطین کما قیل مراراً من النهر إلى البحر، من نهر الأردن إلى البحر الأبیض المتوسط، هذه هی فلسطین، والقدس هی عاصمة فلسطین هذه بلا شک، ولا یمکن المساس إطلاقاً بهذه الفکرة الأساسیة وهذه الحقیقة. وهذا العمل الذی قام به الأمریکیون الآن ویقومون به، هذا الشخص الذی یتولى الأمور فی أمریکا الیوم یتصرف بصراحة أکبر بعض الشیء، والآخرون أیضاً کانوا یتابعون هذا النهج، أولئک أیضاً لم یکونوا یختلفون عن هذا، وقد ارتکب هذا الشخص هذه الحماقة الزائدة تجاه القدس، وهذا شیء لن یؤدی إلى أی نتیجة بلا شک، فهم غیر قادرین على تحقیق نتائج الشیء الذی صرّحوا به. الحکومات التی تساعد أمریکا فی منطقتنا الیوم إنما تمارس خیانة، لیتنبه الجمیع إلى هذا الشیء، هذه خیانة صریحة أن یتصالح شخص مع العدو، مع عدو مثل الصهاینة، یتحارب ویتنازع مع إخوته المسلمین، کالشیء الذی یقوم به السعودیون حالیاً. هذا العمل خیانة للأمة الإسلامیة وللعالم الإسلامی بلا شک. هذه هی النقطة الأولى.
لا توجد أی قوّة فی العالم تستطیع أن تُخمد دافع تحرّر فلسطین وعودتها إلى أهلها فی العالم وفی قلوب الشعوب المسلمة وقلوب الشعب الفلسطینی خاصّة.
~الإمام الخامنئی 2000/10/20
للتحمیل بجودة عالیة
للتحمیل بجودة جیدة
للتحمیل بجودة متوسطة
۹۷/۰۳/۰۸
Ho Da
